الأربعاء، نوفمبر 30، 2022

الغموض والتأويل في شاعرية أدونيس

ينطلق الغموض عند أدونيس بوصفه قضية تخاطب الفراغ الذي يشعر به، واضطرابه الذي يتجلّى في كونه شاعراً حداثياً متمرداً على كل القيم والمبادئ. الغموض والتأويل عند الشاعر علي أحمد سعيد المشهور بأدونيس يعد من صميم تجربته الشعورية، كان أدونيس شاعراً تأويلياً بلا جدل، ويتخذ في معظم أعماله الشعرية التأويلية أبعاداً متعددة تؤدي إلى تعدد المعنى، كما أنه يتكئ على الرمزية كمحطة ينطلق منها نحو النصية الشعرية التي يمكن أن يعمل فيها الناقد قراءته التأويلية. فأدونيس في أعماله الشعرية يبحث عن الأقنعة التي تتخفى خلف رمزيته الصارخة بوصف تلك الأقنعة رمزاً يلتجئ إليها؛ ليضفي على صوته نبرة موضوعية، شبه محايدة تنأى به عن التدفق المباشر للذات التي تتمثل في القصيدة موضحاً ومتخذاً الرمزية أداة تعبر عن شخصية الشاعر. كما يقوم التأويل عند أدونيس علىأساس من الرمزية والغموض، فالمفردات الشعرية الغامضة تحتاج منا إلى التأويل، والغموض يحتاج إلى تفسير وإيضاح، والغموض عنده مبنيّ على قضايا وتجليات يستخدمها الشاعر للتعبير عن فكرة ما لا يستطيع الإفصاح عنها لسبب من الأسباب؛ لذلك يلجأ إلى الرمزية. من ذلك جاء المنهج التأويلي منهجاً يُعنى بقراءة النصوص الشعرية الغامضة مقدماً لها شرحاً وتفسيراً واضحاً، والمنهج التأويلي يعد من المناهج الشاملة التي توضح ما تعنيه النصوص وما تخفى خلفها من معانٍ ورمزية. ينطلق الغموض عند أدونيس بوصفه قضية تخاطب الفراغ الذي يشعر به، واضطرابه الذي يتجلّى في كونه شاعراً حداثياً متمرداً على كل القيم والمبادئ، نلاحظ ذلك في قصيدة له في ديوان (أوراق في الريح) تحت عنوان (الفراغ) يخاطب ويصف فيها نفسه، وما تعرض له من حزن عميق مما حل بمجتمعه من عجز وفقدان أمل، ودعوته للشعب للنهوض وعدم الاستسلام، ودعوته للإصلاح والتغيير. رمزية الفراغ عند أدونيس تشير إلى كل ما هو سلبي فهي تعني عنده الركون والخنوع وعدم الحركة وضياع الوقت فيما ليس فيه فائدة، وكل ذلك ماثل في المجتمع. اعتمد أدونيس على نمط وصفي، فهو في هذه القصيدة يصف حال مجتمعه وما أصابه من داء، ويصف له بمهارة الأطباء الدواء الناجع، بدأ أدونيس قصيدته وكأنه يخاطب ذلك المجهول الذي هو ماثل في غربته الوجدانية يحيط به الفراغ من كل اتجاه. حُطامُ الفراغ على جبهتي ** يمد المدى ويهيل الترابا يُغلْغِلُ في خطواتي ظلاماً ** ويمتد في ناظري سرابا يشكو أدونيس من ذلك الفراغ الذي حلّ به، فالفراغ عنده حطام يجثم على جبهته يمنعه من الحركة والتفكير، وما لفظة حطام إلا تلك الأشياء والمعاني التي تقابله في حياته اليومية، فهذه الأشياء تتجمع لتشكل فراغاً نفسياً يحل في عقل أدونيس، ويجعله خاملاً عاجزاً عن التفكير والتغيير. وهذا الفراغ ليس أمراً وقتياً يرحل في أي لحظة، ولكنه فراغ يمتد ويمتد بطول مدى حياة الإنسان حتى بعد الممات ودفنه في التراب (حطام الفراغ على جبهتي ** يمد المدى ويهيل الترابا) فهو سجين الفراغ العريض الذي يكبله، ويمنعه من الحركة والنهوضللتغيير؛ لأنه ليس سجناً حسياً يمكن الخروج منه بعد انقضاء المدة، ولكنه سجن معنوي فكري (يغلغل في خطواتي ظلاما) يقود إلى التيه والظلام (ويمتد في ناظري سرابا) حتى إذا طاوعه وذهب نحوه وجده فراغاً وسراباً وتيهاً. ورمزية الفراغ هنا عند أدونيس تحيل إلى ذلك الظلم الذي يجده المجتمع من الحكام والسياسيين، هو في مجتمع مهدد بالجهل والتشريد بسبب الحكام الذين حطموا كل القيم والمبادئ والأفكار التي تتجلى في حياة المجتمع، فغاب النجم عن الظهور وأظلمت السماء وتجمدت الأراضي، ورحل البعض مهاجراً إلى المجهول، حتى أصبحت البيوت كهوفاً لا حياة فيها بل هم حطام للفراغ. حُطام الفراغ يُغيبُ نجمي، يجمد أرضي ويترك بعضي كهوفاً لبعضي ويجعلنا كالفراغ حطام الفراغ فهو حطام بفعل فاعل، يجعل المجتمع يعيش في جهالة ولا يهتم بالتعليم، بل يزرع قيم الجهل والتخلف في المجتمع حتى لا يتقدم المجتمع ولا يبصر ببصيرة العلم، بل يجعل المجتمع حبيس كهوف الجهل ويجعله فارغاً بلا قضية. إن الرؤية التأويلية للفراغ عند أدونيس لا تخلو من رمزية سياسية يخاطب بها الذات والمجتمع، وتدفعه للنهوض ومطالبة الشعب والمجتمع بالنهوض وإحداث التغيير، مشبهاً حكام بلاده بالشبح الذي يتمطى، ودلالة الشبح هنا دلالة دالة على رؤية أدونيس لواقعه السياسي الذي لا يخلو من ظلم واستبداد. هذا الشبح السلطوي الذي يتمدد كالسراب، ولفظة السراب لها مدلولها الذي يدل على اللاشيء الذي يقود إلى الجدب والعطش، والرمال التي تدل على الانقطاع والهلاك في الصحراء والضنك، فذلك الشبح الذي ملأ الأعماق يباساً ويملأها دكنةً وظلاماً محال أن يعقبه ضوء إلا بالنهوض لإحداث التغيير. وفي أرضنا شبح يتمطى سراباً ورملا ويملأ أعماقنا يباساً ويملأها دكنة ومحالا إن الفراغ الذي أحدثه الحكام وفق رؤية أدونيس لن يمكث طويلاً فهم يرحلون، وسيوقد الصغار الشموع المضيئة، ويغنون بالنصر الأكيد تلك الأغاني البريئة التي تنشد الثورة، وكأن أدونيس قد تبنى بقيام الربيع العربي وما صاحبه من ثورات في تونس ومصر وسوريا، هي قراءة يمكن أن توصف بأنها قراءة ورؤية واضحة لمستقبل البلدان العربية التي تنبأ بها الشاعر في هذه القصيدة، يتجلى ذلك في تصويره في نهاية القصيدة غناء الأطفال وإنشادهم الثورة، كما فعل السوريون حديثاً وهم يغنون ويهتفون للثورة على بشار الأسد الذي يمثل الوجه الحقيقي لرمزية الفراغ. صغار بلادي شموع مضيئة صغار بلادي يغنوننا أغانيهم البريئة يقولون: “في أرضنا ثورة تُفَجّر من أولِ حياة الغد المقبلِ وتفتح أجفاننا على الزمن الأجمل” يقولون: “في أرضنا يموت الذين أزاغوا وزاغوا يموت الفراغ” وفي صيحات الثوار وأهازيجهم يموت الفراغ ويتلاشى، وتزهر الأيام من جديد، وينام الساهرون وتفتح أجفانهم على الزمن الجديد، وصيرورة الأشياء وتحولها هنا عند أدونيس يعني التغيير السياسي الذي يطرأ على المجتمع، فيتحول من حالة الفراغ إلى الحركة، ومفردة الحركة هنا تدل على عدم السكون والجمود الذي كان الفراغ مسبباً له، ونهج أدونيس في هذه القصيدة قائم على النهج التصويري الإخباري، فهو قد جمع ما بين الوصف والإخبار بالحقائق التي تدفع الشعوب إلى النهوض والقيام بالثورة المنشودة، ورغم أن أدونيس مضى على تأليفه لهذه القصيدة ستون عاماً، فإنها تصلح لتكون وصفاً لهذا الزمن وما يحدث فيه من ثورات ربيع عربي، فهو تأويل سياسي يصلح لكل زمان ومكان، والرؤية التأويلية تتمثل في التمدد الزمني والمكاني، أو ما يعرف بـ”الزمكاني”؛ لما تمثله من رمزية للنهوض ضد الفراغ. الغموض وما يتبعه من تأويل عند أدونيس من صميم دعوته التي جاهر بها دعوة الحداثة الأدبية، وما تنادي به في تصوراتها الشعرية، وأدونيس يرى في الشعر نظاماً خاصاً يبتعد بالكلمات من دلالاتها التي وجدت لها أصلاً، وأن لغة الشعر هي لغة إشارية يجب أن تبتعد عن الوضوح والإيضاح كما في لغة النثر، مما يؤدي إلى وجوب قراءتها قراءة تأويلية لتفكيك ذلك الغموض الذي يكتنف النصوص الشعرية. والكلمة عند أدونيس يجب أن تأخذ معنى أوسع ومتعدداً مما تأخذه في النثر، وهي عبارة عن صورة صوتية وحدسية، وظاهرة الغموض صارت ملازمة للخطاب الشعري الحداثي الذي يمثله أدونيس خير تمثيل، بوصفه رائد الحداثة في الأدب العربي. ويمكن أن نجد هذه الرؤية التطبيقية لظاهرة غموض النصوص الشعرية والسعي لتأويلها في قصيدة أدونيس بعنوان (قصيدة إلى الغريبة)، في هذه القصيدة وقف أدونيس موقف الشخص التائه العاجز عن الكتابة والتصوير، وهو يطرح على نفسه سؤالاً والدهشة تتملكه؛ لأنه لا يستطيع أن يكتب ولو حرفاً لتلك الغريبة العاشقة الصغيرة زوجته، حتى الورق يُخيّل إليه أنه لا يطاوعه ويهرب من يديه متمرداً، ويصور تلك الأفكار بالحمامة التي تود أن تحلّق في سماء الكتابة وتعجز عن ذلك. 

الخميس، يونيو 16، 2016

راي ....

لطالما لم اكن مقتنع يوم ما بتلك التقسيمات و التصنيفات الظاهرية من فرق و طوائف اسلامية ... وكنت ارى ان تلك التصنيفات تشكل عائق على انطلاق الاسلام و عالميته التي ارسل ليحققها ... تلك التصنيفات لم تنتج لقدسية دينية يجب ان تتبع بل نشئت عن عصبية سياسية و تحيز لكل فرقة و اناسيها ... لم اقتنع يوما بتلك التقسيمات التاريخية للإسلام من حيث ركناه السنة و الشيعة او من حيث تفرعاتها و انقساماتها لفرق لا تعد و لا تحصى ... لم اسقط نفسي في درك تلك التصنيفات التاريخية كنت احس بشمولية الاسلام كدين واحد لا متفرع بل كدين للإنسانية جمعا يوحدها وهذه مهمة القرءان يتوافق مع كل الاديان السماوية في الاخبار عن وحدانية الله وهو القرينة الموحدة لجميع الاديان ... لعل الاسقاطات السياسية التاريخية التي اضرت بالدين الاسلامي هي خير دليل على واقعنا الاسلامي الان وما يحدث فيه من قتال و اعمال ارهابية إنبنت على مؤثرات تاريخية سياسية معلومة من عهد الدولة الاسلامية التاريخية الاولى مرور بعهد الخلافات المتتابعة و الدويلات حتى نصل بها في عهدنا الحديث هذا ... فتلك الاعمال الارهابية التي تحدث نتاج تراكمات تاريخية لمفاهيم تؤسس لعصبية دينية السبب الاول فيها ليس بالمقدس بل بسبب سياسي صرف كما صدر لنا التاريخ من خلافات و فتن سياسية حدثت ... و على الحدثون في هذا العصر ان يخضعوا التاريخ لنقد صريح و تفكيك و نزع تلك القدسية التاريخية للأحداث بعدم الخوض فيها و التكاسل عن الخوض فيها بسبب قدسي او ان تلك امة قد خلت لها ما كسبت و لكم ما كسبتم فان هذه الاشارة وردة في القرءان في حق الامم التي كانت قبل ظهور الاسلام و لا يجب اعطاءها قالب قدسي نسقطه على واقعنا اليوم .... لا ارى أي مانع من نقد التاريخ بل نقد تلك التابوهات الانسانية المتمثلة في الخلفاء الراشدين و نقد سياستهم الادارية للدولة الاسلامية في ذلك الزمان ونزع القدسية من تاريخهم للخروج بإسلام جديد خالي من التفرقة و التصنيفات التي اضرت بالإسلام الان ..

الثلاثاء، فبراير 16، 2016

قراءات

" اليوم اكملت لكم دينكم و اتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الاسلام دينا " * إن الناظر الى الاية يدرك ظاهريا تمام الدين و تمام النعمة التي انعم الله على عباده و إرتضاء الدين الاسلامي لهم دينا . و إذا اعملنا عقولنا و فككنا هذه الاية نجدها راسخة و مشتملة و تؤسس الى قطيعة بينة مع ورود اي نص اخر مقدس ياتي ؛ فهي خاتمة للنصية القدسية للوحي اي إنقطاع الوحي بنزول النص . وهي ايضا نذر بين يوضح إنتها فترة الرسالة و إنقطاع الاخبار الإلهي المرسل للبشر الذي يتمثل في شخص الرسول الكريم . -اليوم اكملت - اليوم الظرف المتعلق بزمان ذلك الاجتماع الذي حدث عند حجة الوداع و إجتماع الرسول الكريم و الصحابة في يوم عرفة الذي به يكون الحجة وهو الركن الاكبر ، اليوم يتعلق بحدوث حدث معين في زمن معين وهو الإكمال "اكملت" الفاعلية المطلقة من الكمال الذي ليس بعده نقص و متتابع الحدوث كما في نزول القران الكريم ... و الحديث هنا لله بلسان رسوله ... اي يا محمد قل لهم إن الدين قد كمل و النعمة قد تمت . -لكم دينكم- ايتها البشرية جمعا إطلاق الجزء و إيراد الكل و الشمول .ليس فقط من كان حاضر عند المشعر و لكن هو بلاغ و شهادة لهم حتى يبلغوا من لم يحضر ... رسالة الشمول للناس كافة رسالة عالمية ، و الدين الاعتقاد الجازم بوجود تشريعات إلهية يجب ان تتبع ،و التسليم التام و إتباع الحق المنزل من الله دينا قيما و اتباع بعد تفكر و شك يقود الى اليقين التام بوجود خالق يجب ان يتبع . -واتممت عليكم نعمتي - إتمام بغير نقص ... إتمام إنزال الامر كله جملة بلا تتابع .. . تنزلت على الناس كافة و إنغمسة فيهم فافادة علو النعم على العقل فاصبحت إمتنان من الله على الناس ان اتاهم العقل الذي به يدرك النعم و النعمة الاكبر إدراكه للاسلام دينا -الا ترى قولهم في العقل انه هو مناط التكليف - -ورضيت لكم الاسلام دينا- لقد ارتضى الله و سخر الرسل ليعبد في الارض و قد إترضى لكل رسول دين و تشريع اقره عليه و امر ان يبلغ قومه بهذا التشريع ، و كذلك كان الامر مع رسول الله و الذي به قد ختمت الرسالات السماوية و الاديان جميعها مع ترك الحرية للانسان بان يؤمن باي دين شاء و ما دام يؤمن بان هناك إله خالق له واحد لا شريك له إنما الاديان مكملة لبعضها و الرسالات جوهرها واحد هو التوحيد ... وهنا بعث الله الرسول الكريم بالدين الذي قد إرتضاه من قبل إبراهيم ... ملة إبراهيم حنيفا ..و الحنيفية الفطرة التي فطر الله عليها الجميع ... و الفطرة النقاء من اي إعتقاد سابق و إرتضى إعتقاد التوحيد بوحدانية الله و إتباع اوامره و تشريعاته العبادية و الاجتهاد في امور الدنيا مع رد كل الامور لله سبحانه و تعالى ___________________________ *سورة المائدة الآية 3

الخميس، ديسمبر 18، 2014

نحو قراءة حداثوية للقرآن الكريم

الاصل في النص القرأني انه نص ادبي تحدى به الله العرب الذين اشتهروا بفصاحة النصوص الادبية من شعر و خطابة و امثال وغيرها ولذلك علينا ان نخضع النص القرأني للدراسة وفق مناهج تحليل النص الادبي خاصتا المنهج التفكيكي حتى ننقيه مما الصق به من عدم فهم البعض لكثير من الايات التي تاتي متشابهة المعنى و عندما نفسرها نجدها مختلفة المبنى وهم يفسرونها وفق ظاهرية النص القرأني وهذا الاخضاع لا ينقص من قدسية النص القرأني لاننا لا ننظر للقرأن الكريم من المنظور الادبي المتجرد الذي يقبل الخطاء و الصواب فقط حيث يحتوي القرأن الكريم على جميع هذه المناهج فهو يعتمد في الاساس على السرد المباشر للاحداث القصصيه التاريخية مع بعض من المنلوج الداخلي لبعض الانبياء و الصالحين في شكل مخطبتهم لربهم القرأن الكريم كتاب قصصي معجز اعجاز فني و بياني و في شكل البناء القصصي و تشابه الاحداث في القصص وختلاف شكل البناء القصصي في كل سورة عن السورة الاخرى مما يحفظ حالة التشويق الدائم لهذه القصص و المواعظ اذا اردنا ان نعيد قراءة القرأن وفق قراءة حداثوية يجب انزال القران منزلة النص الادبي و اعمال جميع مناهج تحليل النص الادبي و في هذا قد يرفض البعض و ياتي و يقول لي انك ترى ان النص القراني نص ادبي اقول نعم بنية النص ترتقي لتصبح بنية لنص ادبي بامتياز و القراءة لا تكون هكذا بالظاهر فقط بل و جب اخضاع النص لفرضيات كما يخضع النص الادبي لفرضيات التحليل المعلومة كنت ولا ذلت معجب بقضية اخضاع النص القراني للمناهج الادبية لتحليله تحليل حداثي و خاصتا المنهج التفكيكي و لكن البعض يرى في هذا المنهج انه يلغي قدسية النص القرأني و اقول لا لان القدسية تكمن في قوة الاعتقاد و نحن عندما نعمل على هذا الاجراء نكون مستيقنين تماما بقدسية القرأن ولا نمسه بشي كما يدعي البعض من المتزمتين

الجمعة، أكتوبر 17، 2014

كما كان يتبنى المفكر الاسلامي محمد أركون وهو يهتم بإنسانية الفكر الديني جميعه و ليس الفكر الاسلامي فحسب بل ذهب الى القول بان الاخلاق بين الحضارات الدينية سوا كانت حضارات شرقية او غربية اخلاق واحدة ولكن نجب الخلاف عن طريق الانسان فكل الحضارات في نظره متكاملة بعضها البعض بالفطرة ولكن الناس يسعون الى إيجاد تلك الخلافات ان محمد اركون صاحب نزعة الانسنة في الفكر العربي و صاحب نقد العقل الديني يرجع الاختلاف الى التكتلات التاريخية و يجعلها السبب في نشوب الخلافات بين الاديان جميعها

الأربعاء، أكتوبر 15، 2014

هل كان إنسانا .... ليو تورتسكي !!!!!

ليون تورتسكي الارهابي الاعظم وانت تقراء و تتصفح فظائع و جرائم الابادات التي كانت تحدث في الاتحاد السوفيتي باسم الثورة او مايعرف بالغاية التي تبرر الوسيلة التي ابتكرها استاليين و صديقه في اللحظة و خصيمه اللدود فيما بعد ليو تورتسكي تظن وليس كل الظن يقين ان ليس بمقدور اي شيوعي ان يمشي مفاخرا في الارض على انقاض تراثه الدموي وهو يدعوا الى الدمقراطية واي دمقراطية دمقراطية على شاكلة الغاية التي تبرر الوسيلة اي القمع للحفاظ على الثورة فيما بعد قد ارتد تورتسكي عن افكاره عندما وجد نفسه ملطح بدماء ارهق من اجل الثورة فسعى مع صديقه لينين لانكار كل الافعال التي قام بها استالين فسارع الى تكوين لجنة للتحقيق في مقتل 1600 شخص يقتلون كل يوم على مدار اكثر من سنة لكي يدفع عن نفسه التهمة الاستالينية وكان مبتغاه ان يدافع عن نفسه و يجملها مرة اخرى امام تلك اللجنة وكما هو معهود فقد رفض العديد من المفكرين عضويتها باعتقادهم ان تورتسكي مجرم ضد الانسانية وجب حسابه على ما سفك من دماء هو و استاليين

الجمعة، يونيو 21، 2013

افلا يتدبرون

إننا اذا درسنا القران لوجدنا حقيقة بينة تدعونا الى الاجتهاد فيه فإذا قرانا النص القرآني قرائة شارحة لوجدناه احداث مترابطة كل حدث يمثل الحداثة للحدث الذي سبقه وهنا يجب ان يكون النص ملك للمتلقي لكي يعمل فيه معاول فكره عبر قرائة تشريحية تفسيرية للوصول بها الى افاق إيمانية حداثية تجدد الرتابة و تقوي الايمان بهذا النص القراني الذي يواكب كل الازمنة و صالح لان يكون دستور لكل الامة الانسانية د ستور منزل من عند الله صالح للكل ونحن عندما نحيل ملكية النص للقارئ هذا لا يعني ان نلغي وجود صاحبه و مؤالفه كما تفعل بعض المناهج الادبية و دعات التفكيك و الشكلانية فالنص القراني هنا ذو قدسية تجعلنا ان اردنا ان ندرسه وفق المناهج و القرائات الادبية التفسيرية التشريحية لمواكبته لكل العصور نكون حزرين في التعامل معه كنص قدسي و لا ننزع منه القدسية كما يتوهم البعض من نقاد الاسلام

الثلاثاء، ديسمبر 25، 2012

اقوال

يقولون إن القرآن لا يصلح لكل زمان .. ان الله انزل معجزته هذا القران فهو يصلح لكل زمان ومكان و ترك النصوص للمجتهدون و التجديدون يجدد في المسأل الفقية حتى تتواكب مع روح العصر فالفكر الاسلامي متجدد غير ثابت و ثبوت النص لا يعني ثبوت النص المفسر له يبقى النص ثابت و تختلف النصوص المفسرة له وفق اجتهادات المجتهدون و المجددون طارق هارون

الجمعة، ديسمبر 21، 2012

البحرين و الربيع القادم بقوة ؛؛؛؛

ان المتابع للاحداث البحرينية يرى ان الوضع قد وصل الى درجة حرجة تماما و ساد جو التوتر و التازم الواضح بين الحكومة و المعارضة مكونات السياسة البحرينية مع العلم ان المجتمع في البحرين يتكون من عدة مكونات سوا كان قبلية او دينية واهم هذه المكونات هي المكونات الدينية حيث نجد ان السنة و الشيعة ابرزها ونرى اغلب اهل المعارضة من الشيعة الذين يرون ان الحكومة البحرينية تضيق عليهم و تظلمهم ظلم الحسين . هناك ايضا معارضين من السنة وهم بذلك اي السنة و الشيعة يمثلون معارضة وطنية قوية ولا يريدون هذا النظام الملكي الحاكم و يسعون الى إسقاطه في اقرب وقت ممكن و لعل ابرز التنظيمات المعارضة جمعية الوفاق التي تعمل مع قوى المعارضة الاخرى الى حشد الشعب البحريني و إخراجه الى الشارع ولهم اسبابهم المقنعة لذلك منها التضيق السياسي و ضعف دخل الفرد في البلاد و العطالة المستشرية وسط الخرجون الشباب في البلاد ولكن يبدو ان الحكومة البحرينية لا تعطي ادنى اهتمام بهذا الحراك و التصعيض السياسي من جانب المعارضة في محاولتها إخراج الشعب الى الشارع مرة اخرى كما خرج في الماضي الى دوار اللؤلؤ الذي سارعة السلطات الى تدميه تماما حتى لا يكون ميدان تحرير اخر او ساحة حرية اخرى . فرغ هذه الاحداث و الحراك من جانب المعارضة نجد الحكومة البحرينية تستضيف في اراضيها سباق سيارات الفورملا ون F1 حتى تعكس للعالم ان البحرين تعيش في رفاهية وان المواطن البحريني سعيد ولا ينقصه شي و ايضا لصرف المواطن البحريني عن قضيته الاساسية و وصف قوى المعارضة التي رفضة قيام هذا السباق بعدم الوطنية و بانها برفضها هذا تحول بين المواطن البحريني و بين الفوائد الاقتصادية التي سوف يجدها بقيام هذا السباق وقد سبق قيام هذا السباق حراك و اسع حيث قامت عدت مسيرات تندد بقيامه من قبل المعارضة التي هددت بان تحشد الشعب للخروج في مسيرات لمنع هذا السباق ولكن سباق الفورملا ون قد قام في موقته و انتهى بردا و سلاما على الحكومة البحرينية رغم قيام مسيرات تندد بقيام هذا السباق شاركت فيها القوى المعارضة و منظمات إجتماعية و ناشطون من داخل و خارج البحرين وهم يتوعدون النظام الملكي بالسقوط في يوم من الايام وان فرصة سقوطه مازالت قائمة و نحن بدورنا علينا ان ننتظر ماذا ستبدي الايام في البحرين وهل سوف تشهد ربيع بحريني يسقط نظام الملك عما قريب ؟ ملحوظة ؛؛ هذا المقال كان من المفترض ان ينشر
منذ الرابع عشر من فبراير

مشروعية امعان العقل ؛؛؛؛؛؛؛

ننا لا نجزم تماما ان ما قد ورد من احاديث منسوبة للرسول صلى الله عليه وسلم هي صحيحة قاطعة الثبات كما هو الحال في القران الكريم ولا شك ان احاديث النبي صلى الله عليه وسلم يمكن ان يكون منها احاديث موضوعة لان السنة غير محفوظة الاهيا مثل القران الكريم كما ان كثرت الراوين و ورود الحديث الواحد باكثر من رواية تؤادي ان تلك الاحاديث قد لا تكون صحيحة مئة في المئة و لذلك يمكن النظر فيها و امعان العقل فيها حتى لا ننسب لحبيبنا رسول الله ما لم يقله وهذا الامعان لا ينفي ابدا قدسية السنة من حيث رتبتها في التشريع فهي تاتي بعد القران الكريم في درجة الاخذ بها لذلك يجب علينا ان نبني يقيننا دوما على صحة الحديث المروي عن ةالنبي صلى الله عليه و سلم و نضع الشك في صحت الحديث في المرتبة التي تاتي بعد اليقين حتى لا ندخل في دائرة عدم الايمان المطلق ولاننا كمسلمين فاننا نعلم ان القران الكريم هو المشرع الاول للاحكام لانه ةمنزل من عند الله سبحانه ةو تعالى و الا شك في ذلك وفي القران توجد هناك ثوابت لا نستطيع الاجتهاد فيها و في ايضا امور مباح لنا الاجتهاد فيها للخروج منها باحكام تصلح في حياة الانسان ان يسير بها حياته
و السنة النبوية التي هي عبارة عن احاديث مروية او فعلية او تقريرية رواها بشر قد يصيبون و يخطئون لذلك ان امعاننا العقل بها لا يدخلنا في دائرة النهي و هي المصدر الثاني للتشريع و الاحكام قد تتغير من زمان الى زمان اخر فيحتاج الانسان الى الاجتهاد في هذه الامور حتى يخرج بحكم يسير به حياته و هذا المجتهد قد يكون صائب بذلك يكون قد نفع و استنفع و قد يكون خاطئ و في هذه الحالة يكون استنفع ان له اجر محاولة الاجتهاد

الخميس، ديسمبر 01، 2011

وحدة الوجود

وحدة الوجود مذهب فلسفي لا ديني يقول بأن الله والطبيعة حقيقة واحدة، وأن الله هو الوجود الحق، ويعتبرونه – تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً – صورة هذا العالم المخلوق، أما مجموع المظاهر المادية فهي تعلن عن وجود الله دون أن يكون لها وجود قائم بذاته.

ونحن نوضح هذا المذهب لأن آثاره وبعض أفكاره لا زالت مبثوثة في فكر أكثر أهل الطرق الصوفية المنتشرة في العالم العربي والإسلامي، وفي أناشيدهم وأذكارهم وأفكارهم.

والمذهب كما سنرى موجود في الفكر النصراني واليهودي أيضاً، وقد تأثر المنادون بهذا الفكر من أمثال: ابن عربي، وابن الفارض وابن سبعين والتلمساني بالفلسفة الأفلاطونية المحدثة، وبالعناصر التي أدخلها إخوان الصفا من إغريقية ونصرانية وفارسية الأصل ومنها المذهب المانوي والمذهب الرزرادشتي وفلسفة فيلون اليهودي وفلسفة الرواقيين.

التأسيس وأبرز الشخصيات وأهم آرائها:

إن فكرة وحدة الوجود قديمة جداً، فقد كانت قائمة بشكل جزئي عند اليونانيين القدماء، وهي كذلك في الهندوسية الهندية. وانتقلت الفكرة إلى بعض الغلاة من متصوفة المسلمين من أبرزهم: محي الدين ابن عربي وابن الفارض وابن سبعين والتلمساني. ثم انتشرت في الغرب الأوروبي على يد برونو النصراني وسبينوزا اليهودي.

ومن أبرز الشخصيات وأفكارهم:

• ابن عربي 560هـ – 638هـ:

هو محي الدين محمد بن علي بن محمد بن عبد الله العربي، الحاتمي، الطائي، الأندلسي وينتهي نسبه إلى حاتم الطائي، أحد مشاهير الصوفية، وعرف بالشيخ الأكبر ولد في مرسية سنة 560هـ وانتقل إلى أشبيلية، حيث بدأ دراسته التقليدية بها ثم عمل في شبابه كاتباً لعدد من حكام الولايات.

في سن مبكرة وبعد مرض ألم به كان التحول الكبير في حياته، حيث انقلب بعد ذلك زاهداً سائحاً منقطعاً للعبادة والخلوة، ثم قضى بعد ذلك حوالي عشر سنين في مدن الأندلس المختلفة وشمالي إفريقية بصحبة عدد من شيوخ الصوفية.

في الثلاثين من عمره انتقل إلى تونس ثم ذهب إلى فاس حيث كتب كتابه المسمى: الإسراء إلى مقام الأسرى ثم عاد إلى تونس، ثم سافر شرقاً إلى القاهرة والقدس واتجه جنوباً إلى مكة حاجاً، ولزم البيت الحرام لعدد من السنين، وألف في تلك الفترة كتابه تاج الرسائل، وروح القدس ثم بدأ سنة 598 هـ بكتابة مؤلفه الضخم الفتوحات المكية.

في السنين التالية نجد أن ابن عربي ينتقل بين بلاد الأناضول وسورية والقدس والقاهرة ومكة، ثم ترك بلاد الأناضول ليستقر في دمشق. وقد وجد ملاذاً لدى عائلة ابن الزكي وأفراد من الأسرة الأيوبية الحاكمة بعد أن وجه إليه الفقهاء سهام النقد والتجريح، بل التكفير والزندقة. وفي تلك الفترة ألف كتابه فصوص الحِكَم وأكمل كتابه الفتوحات المكية وتوفي ابن عربي في دار القاضي ابن الزكي سنة 638هـ ودفن بمقبرة العائلة على سفح جبل قسيون.

• مذهبه في وحدة الوجود:

يتلخص مذهب ابن عربي في وحدة الوجود في إنكاره لعالم الظاهر ولا يعترف بالوجود الحقيقي إلا لله، فالخلق هم ظل للوجود الحق فلا موجود إلا الله فهو الوجود الحق.

فابن عربي يقرر أنه ليس ثمة فرق بين ما هو خالق وما هو مخلوق ومن أقواله التي تدل على ذلك:

"سبحان من أظهر الأشياء وهو عينها".

ويقول مبيناً وحدة الوجود وأن الله يحوي في ذاته كل المخلوقات:
يا خالق الأشياء في نفسه *** أنت لما تخلق جامع
تخلق ما لا ينتهي كونه *** فيك فأنت الضيق الواسع

ويقول أيضاً :
فالحق خلق بهذا الوجه فاعتبروا *** وليس خلقاً بذاك الوجه فاذكروا
جمِّع وفرّق فإن العين واحدة *** وهي الكثيرة لا تبقي ولا تذرْ

وبناءً على هذا التصور فليس ثمة خلق ولا موجود من عدم بل مجرد فيض(*) وتجليّ ومادام الأمر كذلك، فلا مجال للحديث عن علة أو غاية، وإنما يسير العالم وفق ضرورة مطلقة ويخضع لحتمية(*) وجبرية(*) صارمة.

وهذا العالم لا يتكلم فيه عن خير وشر ولا عن قضاء(*) وقدر(*) ولا عن حرية(*) أو إرادة ومن ثم لا حساب ولا مسؤولية وثواب ولا عقاب، بل الجميع في نعيم مقيم والفرق بين الجنة والنار إنما هو في المرتبة فقط لا في النوع.

وقد ذهب ابن عربي إلى تحريف آيات القرآن لتوافق مذهبه(*) ومعتقده، فالعذاب عنده من العذوبة، والريح التي دمرت عاد هي من الراحة لأنها أراحتهم من أجسامهم المظلمة، وفي هذه الريح عذاب وهو من العذوبة:

ومما يؤكد على قوله بالجبر(*) الذي هو من نتائج مذهبه الفاسد:

الحكم حكم الجبر والاضطرار *** ما ثم حكم يقتضي الاختيار
إلا الذي يعزى إلينا ففي *** ظاهره بأنه عن خيار
لو فكر الناظر فيه رأى *** بأنه المختار عن اضطرار

وإذا كان قد ترتب على قول ابن عربي بوحدة الوجود قوله بالجبر ونفى الحساب والثواب والعقاب. فإنه ترتب على مذهبه أيضاً قوله بوحدة الأديان(*). فقد أكد ابن عربي على أن من يعبد الله ومن يعبد الأحجار والأصنام كلهم سواء لأنهم في الحقيقة ما عبدوا إلا الله إذ ليس ثمة فرق بين خالق ومخلوق.

يقول في ذلك:
لقد صار قلبي قابلاً كل صورة *** فمرعى لغزلان ودير لرهبان
وبيت لأوثان وكعبة طائف *** وألواح توراة ومصحف قرآن

فمذهب وحدة الوجود الذي قال به ابن عربي يجعل الخالق والمخلوق وحدة واحدة سواء بسواء، وقد ترتب على هذا المذهب نتائج باطلة قال بها ابن عربي وأكدها وهي قوله بالجبر ونفيه الثواب والعقاب وكذا قوله بوحدة الأديان.

وقد تابع ابن عربي في القول بوحدة الوجود تلاميذ له أعجبوا بآرائه وعرضوا لذلك المذهب(*) في أشعارهم وكتبهم من هؤلاء: ابن الفارض وابن سبعين والتلمساني.

أما ابن الفارض فيؤكد مذهبه في وحدة الوجود في قصيدته المشهورة بالتائية:
لها صلاتي بالمقام أقيمها *** وأشهد أنها لي صلَّت
كلانا مصل عابد ساجد إلى *** حقيقة الجمع في كل سجدة
وما كان لي صلى سواي فلم تكن *** صلاتي لغيري في أداء كل ركعة
ومازالت إياها وإياي لم تزل *** ولا فرق بل ذاتي لذاتي أحبت

فهو هنا يصرح بأنه يصلي لنفسه لأن نفسه هي الله. ويبين أنه ينشد ذلك الشعر لا في حال سُكْر(*) الصوفية بل هو في حالة الصحو(*) فيقول:
ففي الصحو بعد المحو لم أك غيرها *** وذاتي ذاتي إذا تحلت تجلت

والصوفية معجبون بهذه القصيدة التائية ويسمون صاحبها ابن الفارض بسلطان العاشقين، على الرغم مما يوجد في تلك القصيدة من كفر صريح والعياذ بالله.

وأما ابن سبعين فمن أقواله الدالة على متابعة ابن عربي في مذهب وحدة الوجود: قوله : رب مالك، وعبد هالك، وأنتم ذلك الله فقط، والكثرة وهم.

وهنا يؤكد ابن سبعين أن هذه الموجودات ليس له وجود حقيقي فوجودها وهم وليس ثمة فرق بين الخلق وبين الحق، فالموجودات هي الله!!

أما التلمساني وهو كما يقول الإمام ابن تيمية من أعظم هؤلاء كفراً، وهو أحذقهم في الكفر(*) والزندقة(*). فهو لا يفرق بين الكائنات وخالقها، إنما الكائنات أجزاء منه، وأبعاض له بمنزلة أمواج البحر في البحر، وأجزاء البيت من البيت، ومن ذلك قوله:
البحر لا شك عندي في توحده *** وإن تعدد بالأمواج والزبد
فلا يغرنك ما شاهدت من صور *** فالواحد الرب ساري العين في العدد

ويقول أيضاً:
فما البحر إلا الموج لا شيء غيره *** وإن فرقته كثرة المتعدد

ومن شعره أيضاً:
أحن إليه وهو قلبي وهل يرى *** سواي أخو وجد يحن لقلبه؟
ويحجب طرفي عنه إذ هو ناظري *** وما بعده إلا لإفراط قربه

فالوجود عند التلمساني واحد، وليس هناك فرق بين الخالق والمخلوق، بل كل المخلوقات إنما هي الله ذاته.

وقد وجد لهذا المذهب(*) الإلحادي(*) صدى في بلاد الغرب بعد أن انتقل إليها على يد برونو الإيطالي ورَوّج له اسبينوزا اليهودي.

جيور وانو برونو 1548-1611م وهو مفكر إيطالي، درس الفلسفة واللاهوت في أحد الأديرة الدينية، إلا أنه خرج على تعاليم الكنيسة(*) فرمي بالزندقة، وفرّ من إيطاليا، وتنقل طريداً في البلدان الأوروبية وبعد عودته إلى إيطاليا وشي به إلى محاكم التفتيش فحكم عليه بالموت حرقاً.

باروخ سبينوزا 1632 – 1677م وهو فيلسوف هولندي يهودي، هاجر أبواه من البرتغال في فترة الاضطهاد الديني لليهود من قبل النصارى، ودرس الديانة اليهودية والفلسفة كما هي عند ابن ميمون الفيلسوف اليهودي الذي عاش في الأندلس وعند ابن جبريل وهو أيضاً فيلسوف يهودي عاش في الأندلس كذلك.

ومن أقوال سبينوزا التي تؤكد على مذهبه في وحدة الوجود:

ما في الوجود إلا الله، فالله هو الوجود الحق، ولا وجود معه يماثله لأنه لا يصح أن يكون ثم وجودان مختلفان متماثلان.

إن قوانين الطبيعة(*) وأوامر الله الخالدة شيء واحد بعينه، وإن كل الأشياء تنشأ من طبيعة الله الخالدة.

الله هو القانون الذي تسير وفقه ظواهر الوجود جميعاً بغير استثناء أو شذوذ.

إن للطبيعة عالماً واحداً هو الطبيعة والله في آن واحد وليس في هذا العالم مكان لما فوق الطبيعة.

ليس هناك فرق بين العقل(*) كما يمثله الله وبين المادة كما تمثلها الطبيعة(*) فهما شيء واحد.

يقول الإمام ابن تيمية بعد أن ذكر كثيراً من أقوال أصحاب مذهب(*) وحدة الوجود "يقولون: إن الوجود واحد، كما يقول ابن عربي – صاحب الفتوحات – وابن سبعين وابن الفارض والتلمساني وأمثالهم – عليهم من الله ما يستحقونه – فإنهم لا يجعلون للخالق سبحانه وجوداً مبايناً لوجود المخلوق. وهو جامع كل شر في العالم، ومبدأ ضلالهم من حيث لم يثبتوا للخالق وجوداً مبايناً لوجود المخلوق وهم يأخذون من كلام الفلاسفة شيئاً، ومن القول الفاسد من كلام المتصوفة والمتكلمين شيئاً ومن كلام القرامطة والباطنية(*) شيئاً فيطوفون على أبواب المذاهب ويفوزون بأخسِّ المطالب، ويثنون على ما يذكر من كلام التصوف المخلوط بالفلسفة" (جامع الرسائل 1 – ص167).

الجذور الفكرية والعقائدية:

لقد قال بفكرة وحدة الوجود فلاسفة قدماء: مثل الفيلسوف اليوناني هيراقليطس فالله – سبحانه وتعالى – عنده نهار وليل وصيف وشتاء، ووفرة وقلة، جامد وسائل، فهو كالنار المعطرة تسمى باسم العطر الذي يفوح منها.

وقالت بذلك الهندوسية الهندية: إن الكون كله ليس إلا ظهوراً للوجود الحقيقي والروح الإنسانية جزء من الروح العليا وهي كالآلهة سرمدية غير مخل

الغموض والتأويل في شاعرية أدونيس

ينطلق الغموض عند أدونيس بوصفه قضية تخاطب الفراغ الذي يشعر به، واضطرابه الذي يتجلّى في كونه شاعراً حداثياً متمرداً على كل القيم والمبادئ. ال...