السودان و الهوية الافروعربية
رغم السعي الدائم لتجريد الصراعات المختلفة في السودان، على مر التاريخ وحتى الوقت الحاضر، من كونها صراعات بين قبائل محددة حول هوية معينة، فإنها بشكل أو بآخر تبدو صراعات مفتوحة على أسئلة الهوية. وأسئلة الهوية هذه لا تنحصر في مدى نقائها أو أساس انتمائها فحسب، وإنما في التعامل مع هويات متعددة في بلد واحد تبلغ مساحته مليون ميل مربع، تثريه الإثنيات المتنوعة بتعددها وتناغمها. السؤال الأكبر الذي يتجادل حوله الأنثروبولوجيون والسياسيون على حد سواء هو: من هم العرب ومن هم الآخرون في التركيبة التي تشكّل سكان السودان؟ هذا السؤال قائم منذ زمن بعيد، ولكن لم تغلفه رقاقة قهر من قِبل القبائل العربية في السودان تجاه القبائل الأخرى، مما جعله مفتوحاً على إجابات متعددة استطاع الناس استيعابها وتقبلها بشكل ضمني. أما التصريح إلى حد التجريح في بعض الأحوال، فهو مفاخرة بعض القبائل من أصول عربية بأصولها المنتمية إلى جزيرة العرب من غير إثبات لنسب شجرة القبائل تلك. وعلى كلٍ فإن القبائل من أصول عربية في السودان لا يرون في أنفسهم شعب الله الذي اختاره للسودان، ولكن أخذتهم على أزمنة مختلفة العزة بالانتماء العربي حتى أعماه...